عبد القادر قبّاني و"ثمرات الفنون" (أضواء جديدة)
قرأت في "النّهار"، يوم 21 كانون الأوّل 2008، مقالة الصديق الأستاذ نجيب البعيني ذات العناوين المتعدّدة، وعنوانها المختصر هو "عبد القادر القبّاني". وأنا لن أحاسب الصديق على الهنات اللغويّة في مقالته، وإنّما لي ملاحظات على مضمون المقالة أو محتواها، وهي ملاحظات أُجملها في ما يلي:
1- أبدأ بالاسم أوّلاً، فصاحب "ثمرات الفنون" هو عبد القادر قبّاني وليس "القبّاني" كما تردَّد في المقالة غير مرّة.
2- تحدّث الأستاذ نجيب في المقالة عن "إطلاق نهضة إسلاميّة في لبنان وبلاد الشام وفلسطين". وهو يعرف، من قبل، أنّ ما عُرِف في العهد العثمانيّ ببلاد الشام أو سورية الطبيعية كان يشمل "سورية ولبنان (بحدوده الحاليّة) وفلسطين وشرق الأردنّ". فأين النهضة الإسلاميّة في لبنان، ولبنان يومئذ رقعة جغرافيّة صغيرة تتمتّع ببعض الرعاية أو الحماية في ما دُعِي "متصرّفيّة جبل لبنان"؟
3- تحدّث نجيب عن "جمعيّة الفنون" التي "قدّمت مسرحيّة كانت من أولى المسرحيّات التي عُرِضت في لبنان". أين لبنان من هذا يا صديقي؟ "لبنان" المتصرِّفيّة غير "بيروت" الولاية. كان أَوْلى بك أن تقول في المسرحيّة إنّها "كانت من أُولَيات المسرحيّات التي عُرِضت في بيروت". فأوّل مسرحيّة عرفتها بيروت والشرق كلّه هي مسرحيّة "البخيل" التي قدّمها مارون نقّاش في بيروت سنة 1848، وتلتها مسرحيّات أخرى سبقت من زمانها ما قدّمته "جمعيّة الفنون" هذه.
4- يقول نجيب في "ثمرات الفنون" إنّها "بقيت لسان حال المسلمين طوال خمسة وثلاثين عامًا بفضل همّة عبد القادر القبّاني ...". وفي هذا نقول أوَّلاً إنّ الثمرات استمرّت تصدر من 20 نيسان 1875 إلى 2 تشرين الثاني 1908، وهذا يعني أنها عاشت ثلاثًا وثلاثين سنة وبضعة أشهر (أو 169 يومًا). ونقول ثانيًا إنّ الصحيفة كانت لسان حال المسلمين في بيروت ( أصبحت ولاية سنة 1888)، وهي الوحيدة الناطقة بلسان المسلمين حتى أصدر محمّد رشيد الدنا جريدة "بيروت" في 22 آذار 1886. ثمّ تلاه عبد الباسط الأنسي الذي أصدر جريدة "الإقبال" في 9 نيسان 1902.
5- يحدّد نجيب تاريخ العدد الأخير من "ثمرات الفنون"، فإذا هو، بحسب زعمه، يوم 26 تشرين الأوّل 1908، والصواب أنّ تاريخ صدور العدد الأخير من هذه الصحيفة، ورقمه 1686، هو الثاني من تشرين الثاني 1908.
6- يذكر نجيب، من كتّاب "ثمرات الفنون"، الشيخ محمّد عبده، وهذا اسم لم يذكره طرّازي بين مَن ذكر من كتّاب الصحيفة في كتابه المشهور "تاريخ الصحافة العربيّة" (ج2، ص25)، ولم أقع عليه لدى مراجعتي أعداد الصحيفة في زمن مضى.
7- يقول نجيب إنّ عبد القادر القبّاني (قبّاني) كان "أوّل مَن دعا إلى إنشاء المدارس في بيروت، وخصوصًا للمسلمين". وهذا كلام مُبالَغ فيه، فبعد سنة 1875، كانت المدارس قد انتشرت في مدينة بيروت وتكاثرت، ومنها مدارس الإناث. وما يصحّ في الشيخ قبّاني هو أنّه كان من أوائل من دَعَوا إلى افتتاح المدارس لأبناء الطائفة الإسلاميّة.
لا ألوم صديقي نجيبًا لأنّه قرأ كتاب " الشيخ عبد القادر قبّاني وجريدة ثمرات الفنون" فاكتفى به، ولم يعد إلى أعداد الصحيفة؛ هذا إذا لم يكن قد قرأ بشيء من السرعة وكتب بقليل من التسرّع. ولا غروَ، فالعصر بات عصر السرعة غالبًا والتسرُّع أحيانًا. فليعذرِ الصديق العزيز صراحتي!
رفضت إدارة تحرير "النّهار" نشر هذه المقالة
|