لا ديمقراطيّة مع "الكوتا"
تداول القوم في لبنان، لسنواتٍ خَلَتْ، اعتمادَ الحصّة النِّسويّة في مقاعد المجلس النيابيّ، وهممتُ، غير مرّة، أن أكتب في هذا الموضوع. وفي الآونة الأخيرة، شاع حديث الحصّة النِّسويّة في مقاعد المجالس البلديّة، والقوم يجهلون ما وراء ذلك. فمجرَّد الحديث عن حصّة أو "كوتا" في مؤسّسة ما يعني ضربة للديمقراطيّة قاضية عليها، واللبنانيّون أمام خيارَيْن لا ثالث لهما: فإمّا الديمقراطيّة وإمّا "المُحاصَّة" (لا المُحاصَصة). فلا "كوتا" إلاّ على حساب التنافس الحرّ، والتنافس الحرّ يعني الديمقراطيّة بكلّ معانيها، ونظام الحصص أو "الكوتا" ظاهرة خطيرة قد تقودنا إلى الديمقراطيّة الشعبيّة، والعمود الفقريّ للديمقراطيّة الشعبيّة هو أن يصبح مجلس النوّاب "مجلس شعب" فيه حصص أو "كوتا" للنساء وللمنظّمات الشعبيّة. فتأمّلوا، يا سادة، ما في "مجالس الشعب" الشقيقة من مقاعد لـ"الاتّحاد النِّسائيّ"، وأخرى لـ"الاتّحاد العمّاليّ" أو "الاتّحاد العامّ للعمّال"، وأخرى لـ"اتّحاد الفلاّحين"، وأخرى لنقابة المحامين، فنقابة الأطبّاء، فنقابة المهندسين، فنقابة الصيادلة، فنقابة الفنّانين. وثمّة اتّحادات أخرى ونقابات أخرى.
فهل تطمحون إلى الديمقراطيّة الشعبيّة بديلاً من ديمقراطيّتكم المعهودة ونظامكم البرلمانيّ العريق؟
النّهار: العدد 23964، 19/2/2010
|