بين سويسرا ولبنان
قرأتُ في "النهار"، يوم 8 شباط 2010، مقالة للدكتور علي عوّاد حملت عنوان "الرئيس برّي بين إلغاء الطائفيّة السياسيّة والثقافة التربويّة اللبنانيّة". وما لفتَ انتباهي وأثار اهتمامي في هذه المقالة ليس "الطائفيّة السياسيّة" ولا "الثقافة التربويّة اللبنانيّة"، بل هو عودة الدكتور عوّاد إلى تلك المقالة التي نشرتها جريدة "الصفاء" (عبيه) في العدد 504، يوم 25 آب 1912، فجاءت في شكل مُراسلة غراميّة، وحملت عنوان "بين سويسرة ولبنان". وفي تلك المُراسلة، كتبت "سويسرة" الحسناء إلى الفتى الأغَرّ لبنان، تتغنّى بجماله ومَحاسِنه، وتطلب يده "عريسًا" لها. فجاء ردّ لبنان في رسالة جوابيّة مخاطبًا "سويسرة"، مُشيدًا بفضلها وبهائها، شاكرًا لها عاطفتها، لكنّه يعتذر، بكلّ أسف، لأنّه لم يجد نفسه كفئًا لها.
ومن إن انتهيتُ من قراءة هذه المقالة حتّى تذكّرتُ أنّني قرأتُ الكلام نفسه في "النهار" قبل زمن ليس ببعيد. ولمّا عدت إلى وُرَيقاتي في ملفّاتها، قرأت للدكتور عوّاد مقالة أخرى نُشِرت في "النهار"، يوم 21 تشرين الثاني 2007 (العدد 23187)، بعنوان "الاستقلال بين بحيرة ليمان وبحر بيروت: لبنان يرفض الزواج من سويسرا"، وفيها نصّ المُراسلة نفسها.
وفي التعقيب على ما جاء في المقالتين، وخشيةَ أن يُعيد الدكتور عوّاد نشر المُراسَلة الغراميّة مرّة ثالثة بعد أَشهُر أو سنة، أُبلغُ "عميد آل عوّاد" أنّني كنت أوّل من نشر هذه المُراسَلة في "النّهار" يوم 28 أيّار 1986 (العدد 16367)، أي منذ أربعة وعشرين عامًا، وحملَتْ، يومئذ، عنوان "سويسرا تخطب لبنان والعريس ليس كفئًا". وفي ختام تلك المُراسَلة، عقَّبتُ على ما جاء فيها بالعبارات التالية: "أمام هذه المقالة، يجد القارئ نفسه نهبًا بين الدهشة والعجب، ويُخَيَّل إليه أنّ الزمن قد ارتدّ به إلى الوراء نحوًا من ثمانية عقود. فللّه دَرُّكَ أيّها التاريخ لو أَحسَنّا القراءة! تُرى، أما باتَ من حقّ لبنان اليوم، وقد زالت مسوِّغات رفضه، أن يعوّض النقص، فيكتب إلى سويسرا خاطبًا ودّها وطالبًا يدها؟".
يبقى أن ألفت انتباه الدكتور عوّاد إلى تشويه تعرّضت له مقالته الأخيرة هذه، إذ بدا توقيع كلّ من "سويسرا" في ذيل الرسالة الأولى، و"لبنان" في ذيل الرسالة الثانية أشبه بالعنوان، لأنّه جاء في وسط السطر (أو العمود) وبحرف عريض بارز، فأساء هذا إلى النصّ.
وللدكتور عوّاد منّي أطيب تحيّة!
االنّهار: العدد 23987، 15/3/2010
|