المادة 52 من الدستور
جاء، في المادّة 52 من الدستور اللبنانيّ، أنّ رئيس الجمهوريّة "يتولّى المفاوضة في عقد المعاهدات الدوليّة وإبرامها بالاتّفاق مع رئيس الحكومة، ولا تصبح مُبرَمَة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء. وتُطلع الحكومة مجلس النوّاب عليها حينما تمكّنها من ذلك مصلحة البلاد وسلامة الدولة ...". وأوّلُ ما نسأل عنه هو سؤالنا "المُشتَرِع" لماذا استعمل كلمة "وإبرامها" في الجملة الأولى، طالما أنّ المعاهدة لا تصبح "مُبرَمة" إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء؟ وفي سبيل إزالة اللبس أو التناقض بين الكلمتين (وإبرامها، مُبرَمة)، كان على "المُشتَرِع" أن يقول "يتولّى المفاوضة في عقد المعاهدات الدوليّة وتوقيعها ..."، أو أن يقول "ولا تصبح نافذة إلاّ بعد موافقة مجلس الوزراء ...". ومن سياق الكلام في هذه المادّة، نكتشفُ أخيرًا أنّ رئيس الجمهوريّة يُفاوض في عقد المعاهدة، وأنّ مجلس الوزراء يُبرِمها أو يقرِّر نَفاذها. فأيُّ افتِئات هذا على صلاحيات رئيس الدولة؟ ونسأل "المُشتَرِع" أيضًا: متى تُمكِّن "مصلحةُ البلاد وسلامةُ الدولة" الحكومةَ من إطلاع مجلس النوّاب على المعاهدة التي أُبرِمت؟ أَلا إنّ هذا لَكلامٌ أجوفُ أُفرِغ من مُحتَواه!
ويتابع "المُشتَرِع" في نصّ المادّة نفسها: "أمّا المعاهدات التي تنطوي على شروطٍ تتعلّق بماليّة الدولة والمعاهدات التجاريّة وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنةً فسنةً، فلا يمكن إبرامها إلاّ بعد موافقة مجلس النوّاب". وهنا نسأل "المُشتَرِع": هل تعني بقولك هذا أنّ النوع الأوّل من المعاهدات لا يُطلَع عليه مجلس النوّاب لأنّه يُفسَخ كلّ سنة؟ وهل المعاهدات الماليّة والتجاريّة أهمّ من المعاهدات الأمنيّة أو الدفاعيّة أو معاهدات الصلح مثلاً؟
لاحظوا معنا، يا أصحاب السعادة، أنّ خللاً بسيطًا في لغة النصّ يُشوِّه معناه. وإنّه لأَمرٌ مدهشٌ حقًّا أن يكون بعض موادّ دستورنا حافلاً بالتناقضات ...!
النّهار: العدد 24009، 8/4/2010
|