"هَنات" هيِّنات
قرأتُ ما كتب زميلي الدكتور ميشال جحا في "النّهار" يوم الأوّل من آب 2011، وكنت قد قرأتُ ما قرأ في مقالة الأستاذ سمير عطا الله يوم 27 تمّوز 2011. ولي ملاحظات أخرى:
ذكر الأستاذ عطا الله مُنشِئ "الهلال" (في مصر) جرجي زيدان، وذكر، في السياق نفسه، مُنشِئَي "الأهرام" الأخوَيْن سليم وبشارة تقلا. فإن هو نسبَ الأوّل إلى المارونيّة فقد نسبَ إليها حكمًا الأخويَيْن تقلا، لأنّ موضوع الحديث عن الثلاثة واحد، مع العلم أنّ الأخوَيْن تقلا وُلِدا في كفرشيما، وهما من أبناء طائفة الروم الملكيّين (الكاثوليك). لكنّنا قد نلتمس عذرًا للأستاذ عطا الله إن عددناه متكلّمًا على المهاجرين اللبنانييّن بعامّةٍ، أي من دون تحديدٍ لطائفة هذا أو ذاك.
وإلى ذلك، أقول للأستاذ عطا الله إنّ فارس الشدياق (قبل أن يصبح أحمد فارس) عدلَ عن المارونيّة إلى المذهب الإنجيليّ (أو البروتستانتي) يومَ كان البطريرك بولس مسعد ما يزال كاهنًا أو أُسقفًا، وعدلَ، عام 1855 أو 1856، عن البروتستانتية إلى الدين الإسلاميّ، فحمل اسم أحمد فارس، وقد غدا المطران مسعد، يومئذ، بطريرك الطائفة المارونيّة.
وأستميحُ الأستاذ عطا الله عذرًا إذا استدركتُ مصحّحًا له، ففي مقالة له قبل أشهرٍ (13 نيسان 2011)، قرأته يقول في الشيخ ناصيف اليازجي إنه كان أوّل الداعين إلى "إلغاء الطائفيّة"، والشيخ ناصيف لم يكن يومًا أكثر من لغويّ وشاعر. أمّا مَن دعا صراحةً إلى "إلغاء الطائفيّة" وإلى نوعٍ من "العَلْمَنَة"، فهو المعلّم بطرس البستاني الذي طرح مقولة فصل الدين عن الدولة، ودعا ذلك بالحرف "فصل السياسة عن الرياسة". وهو ما قرأناه له في أحد أعداد نشرتِهِ التي أصدرَ عددها الأوّل في بيروت يوم 28 أيلول 1860، ودعاها "نفير سورية".
وفي التعقيب على ما جاء في افتتاحية الأستاذ عطا الله يوم 6 تمّوز 2011، أقول له: أدهشتني مبالغتك (غير المُستَحَبَّة) إذ قلتَ إنّ غسّان الرحباني "حقّق الاكتشاف الرابع بعد كولومبس وماجلاّن وڤاسكو دي غاما"، وختمتَ القول بأنّ النشيد الوطنيّ اللبنانيّ "مسروق لحنًا ونظمًا" (صواب الترتيب: نظمًا ولحنًا). وهكذا حكمتَ، بجرّة قلم، على الشاعر رشيد نخلة والملحّن وديع صبرا بأنّهما سارقان. فهل ثمّة نعتٌ أبشعُ؟ وفي هذا أُحيلُ الأستاذ عطا الله إلى بحثي المنشور في كتاب "مواطن الغد: الحرّيّات وحقوق الإنسان"، تحت عنوان "قصّة النشيد الوطنيّ اللبنانيّ" (ص 65)، وإلى بعض ما نُشِرَ في الصحف في الأشهر الأخيرة، ومنه مقالة الأستاذ آلان حردان في "النّهار" يوم 11 أيّار 2011، ومقالة الأب يوسف طنّوس المنشورة في "النّهار" أيضًا يوم 18 تمّوز 2011، وهي الأهمّ.
وحول ما جاء في افتتاحيّة الأستاذ عطا الله يوم 13 تمّوز 2011، أقولُ إنّ مَن قاد الانقلاب في اليمن على الإمام بدر (نجل الإمام يحيى) هو المُشير عبد الله السلاّل؛ وكان ذلك يومَ 28 أيلول 1962 (في الذكرى السنويّة الأولى لانفصال سورية عن الجمهوريّة العربيّة المتّحدة.
إنْ هي إلاّ بضع ملاحظات على بعض ما كتب الأستاذ سمير عطا الله الذي ما أردتُ لافتتاحيَّته يومًا إلاّ أن تكون مِثالاً يُحتَذى.
النّهار: العدد 24496، 4/9/2011
|