استدراك
أعتذر إلى مَن قرأ مقالتي التي نُشِرَت في "النّهار"، يوم 14/10/2012، تحت عنوان "التأريخ المُوَثّق في جبران تويني وصحافته" (ص 6)، لأنّ يداً ما عبثت ببعض الكلمات، فخرجت بها عمّا أُريدَ لها من معانيَ.
السوق التي استقرَّت بها إدارة "النّهار" بعض الوقت هي "سوق إياس" (بكسر الهمزة)، لا "سوق أياس" (بالفتح) لأنّ هذه لغة العامّة. وقد نقلتُ عن الدكتور حلاّق قوله "كالسادات بيهم..."، ففصلت بين الكلمتَيْن واو العطف، فأصبحت الأولى اسم عائلة بيروتيّة (كالسادات وبيهم..). وقلتُ "عُرِّفت (بتشديد الرّاء) بأنّها صحيفة أسبوعيَّة..."، فأصبح الفعل "عُرفت...". وجمعتُ الكرسيّ على "كَراسيّ"، فرفض اللُّغويّ هذا الجمع وحوَّله إلى "كَراسٍ"، وهذا خطأ. وقلتُ "الملاحظة السابقة نفسها"، فحلّت كلمة "عينها" محلّ الكلمة الأخيرة. وقلتُ "في الموقع نفسِه"، فحلَّ ضمير النصب المنفصل "إيّاهُ" محلَّ الكلمة الأخيرة. ومثل ذلك قولي "في تشرين الثاني من العام نفسِه"، حيثُ البديل من التوكيد الضمير "إيّاهُ" أيضاً. فلْيُعرِبْ هذا الضمير إن كان لُغَويّاً. وقلت في ختام الفقرة العاشرة "ولم يأتِ أيَّ فعلٍ على الأرض" (أتى الفعلَ: فَعَلَهُ)، فأصبحت الجملة "ولم يأتِ على أيّ فعل على الأرض". وهذا يعني أنّ اللُّغويّ لم يفهم معنى التعدية هنا، فشتّانَ ما بين "أتى الفعلَ أو أتى الأمرَ" و "أتى على الشيء". وأزعَجهُ قولي "فإليكم في ما يلي..."، فأصبح الفعل عنده "يأتي"، وكلاهما صحيح. وفي المقالة كلّها، حوَّلت ريشة اللُّغويّ، نحوَ عشرينَ مرَّةً، صيغة "عامَ كذا" (أي إضافة كلمة "عام" إلى العدد)، إلى صيغة "العام كذا"، بحيثُ يُصبح العدد تابعاً للمعدود (العام). فلو شاء أن يقرأ "العام 1946" بالحروف، لَوَجَبَ عليه أن يقول "العامَ أَلفاً وتِسعَ مئةٍ وستَّةً وأربعين". وهذا وجهٌ في الاستعمال لا نعلم نصيبه من الصحَّة إن لم نقل إنّه خطأ، وخيرٌ منه، في رأيي، أن يُؤتى بالعدد بعد "العام" مُعَرَّفاً، بحيثُ يُصبِح عدداً ترتيبيّاً لا أَصليّاً. لذا كان لا بدَّ من توضيح، فالأكثرُ شُيوعاً على أَلسِنة العرب "السنة" لا "العام"، لأنّ لهذا استعمالاتٍ محدَّدةً، والأفضليّة لاستعمال العام مُنَكَّراً مضافاً إلى العدد (عامَ كذا)، لا مُعَرَّفاً متبوعاً بعدده (العامَ كذا). فلَطالما قرأنا في كتب التراث حيثُ استُعمِل العام: "بويِِعَ بالخلافة عامَ كذا"، أو "وَلِيَ المُلكَ (أو الحكمَ) عامَ كذا... وتَوَفّاه الله عامَ كذا...".
ليس هذا كلّ شيء، فقد بقي الكثير يُقال. لكنّ ما يَلفِت الانتباه، أكثر من سواه، هو أنّ اللُّغَويّ يرفض التوكيد بكلمة "نفس"، وهذه بدعة لم يُسبَق إليها. وأخيراً، ليسَ سهلاً على لُغَويٍّ يُدَقّق في كلِّ كلمةٍ يكتب، أن تعبثَ يد مَن ليس من أهل اللغة بما يكتب. لكنّ لله في خلقه شؤوناً..!
رفضت إدارة تحرير "النّهار" نشر هذه المقالة
|